HAKAIA Worldwide is a popular online newsportal and going source for technical and digital content for its influential audience around the globe. You can reach us via email or phone.
+(785) 238-4131
hakaia.latifa@gmail.com
كتبت // تماضر عيساوي//
في منطقتنا.. تدق الحروب طبولها معلنة الخراب و الدمار ضاربة الشعوب في تاريخها وهويتها والامل في مستقبل وجودها ..تدق الحروب لتبيد العزائم وتثبط الارادة وتضرب اعماق الشخصية السيادية محاولة كسر انفتها لتجعل منها ماريونات تتحرك وفق برمجمة مدمر ارادتها. ..تتدمر البنى وتنسف الاسس وتتفقر البلدان وتسقط الارواح الشهيدة وتتشرد الاسر..
ويظل الوعي في كل ذلك حيا متيقظا متنبها يشعل جذوة الحلم في النهظة ما بعد الكبوة.. "مسافرو حرب" شريط طرح هذه الاشكالية مشددا في طرحه على ان الطبول مهما دقت ومهما علا صوت الدمار الا ان الشعوب الحرة تظل ابية لا يهزمها الزمن تكمن كمون النار تحت الهشيم حتى اوان الصحوة الشريط ابحر في قتامة الحرب السورية الظالمة المدمرة ليروي قصة ابطال يعايشون واقعا مريرا بمشاعر صامدة وعزائم لا يفلها الصخر سلاحهم العمل والمثابرة لاحياء الامل..
سوسنة على ركام الخراب الشريط "مسافرو حرب" للمخرج السوري جود سعيد الذي يعرض ضمن فعاليات ايام قرطاج السينمائية ويشارك في المسابقة الرسمية للافلام الطويلة تابعه اكثر من الفي متفرج في قاعة الكوليزي فيما حجز المئات الاخرون من المتفرجين في قاعات اخري لمتابعته.. دون احتساب العشرات من الذين اختاروا مشاهدة الفيلم جلوسا على الارض الشريط نال نجاحا جماهريا باهرا ترجمته الاصوات التي ارتفعت اثر العرض لتصدح بكلمة ’’برافو ’’ مصحوبة بالتصفيق و التصفير معبرة عن الاعجاب بهذا المنتوج الفني الذي سافر بهم قرابة 100 دقيقة انقطعت فيها الانفس و احتبست الاصوات لتسبح في عوالم متشعبة المرامي متعددة الانساق ثرية المعالم تتجاذبها المشاعر الرومانسية بروح كوميدية احيانا تراجدية احيانا اخرى ممزوجة بالالم والحسرة وان لم تستسلم للياس في مستقبل ايام مشرقة
ويبقي الامل قائما: الفيلم يروي قصة البطل بهاء التي جسدها الممثل القدير ايمن زيدان وهو موظف في شركة كهرباء حاول الخروج من حلب أثناء الحرب والعودة إلى قريته، وتعرّف خلال رحلته على أشخاص عاش معهم حكاية بين الحلم والواقع أدّت إلى نهاية غير متوقّعة. استطاع المخرج الشاب جود سعيد شخصية بهاء ان يقنع المتفرج بكون الصعوبات لا تقف امامك الا اذا انت اردت ذلك سواء في الحب او في اعادة احياء ما تم التخلي عنه واصلاح ما تم تدميره ..
ومع هذه الشخصية المحورية الفاعلة والآملة في حياة قادمة تبدا رحلة الاصلاح ومحاولة الاعمار وكسر القيود التي كبلت كل شخص بفعل الحرب لتجعل منه شبه انسان ميت و هو علي قيد الحياة . الاطار العام للقصة قرية مدمرة هجرها سكانها يسيطر عليها احد الفاسدين "ابو مظلوم" بعدما استولى على خراباتها ليؤجرها للعابرين بمقابل. يحاول "بهاء" ان يعيد لتلك البلدة جمالها و انارتها و ان يبث الحياة فيها من خلال البحث عن الماء و ضخه في اراضيها الجافة و كسر الحصار الاقتصادي الذي بناه ابو مظلوم عليهما كما يحاول ان يعطي دروسا في الحياة و الحب و العشق لمرافقه الشاب فراس الذي لم يتعلم من الحياة سوي فكرة الموت ولم يعرف سوي شعور الفقدان..
وهو ما يبرز للمشاهد من خلال تكرار كلمة "الله يرحمو " مما انجر عنه حالة من الانطواء علي الذاته الي ان يتعرف علي ’’نور ’’بنت الجيران و التي احبها و لم يستطع ان يبوح لها بعشقه ثم تبدا محاولاته المضحكة الفاشلة للافصاح لحبه لها . حاول الفيلم ان يطرح اكثر من قضية فالمشاهد و اللقطات و الحوارات كانت في اغلبها معبرة و موظفة وكانت صياغة القصة موفقة و مبنية على ترتيب الاحداث مع بنية سردية واضحة و استعراض واضح لسلوك الشخصيات و الحكايات وهو ما اتاح للمتفرج الدخول الى قلب احداث الفيلم ومعايشة شخصياته ليصبح جزءا لا يتجزا منها. وقد استطاع المخرج من جهة اخرى ان يوصل لنا مرامي الشريط واهدافه من خلال عمق الصورة التي ولدت لنا ارتباطا وثيقا بالمكان و الاشياء فمشهد عودة الانارة للبلدة و الماء بعد اجتهاد و عمل و عدم الاستسلام و السعي لتحقيق المبتغي هو دعوة من المخرج الى الاصرار على عودة الحياة و الامل والتخلص من كل الافكار البالية حتي و ان كانت مجرد حلم ’الاحلام لازم نسرقها و نعيش الدنيا في سوادها و في ضوها ويتمتع الفيلم رغم قتامة الواقع الذي ينقله بروح كوميدية مملوءة بالدعابة والنكتة و خفة الدم في نهاية الفيلم يستطيع ’’بهاء ’’ ان يشيل الغمامة عن تلك البلدة الصغيرة بتغيير قلوب المتساكنين من قلوب محجرة اتعبتها الحروب و اضناها الموت الي قلوب محبة عاشقة للحياة وتنتهي الحرب كما جاءت في المشهد قبل الاخير حين اعلن فراس قائلا ’’الحرب خلصت ....الحرب خلصت يا بهاء ....الحرب خلصت يا نور ....
الحرب خلصت ’’ و مع هاته العبارات تفاعل الجمهور بالتصفيق و التصفير و الدموع و كانهم بالفعل عاشوا تلك اللحظة لحظة الانتصار و انهاء الحرب الا ان المخرج جود سعيد يفاجا الجمهور بنهاية مغايرة تماما تحيلنا الي حكاية اخرى تعيدنا الى وسط الحكاية . فيما يبقي الامل قائما......