آب/أغسطس 17, 2025

Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

مواضيع تم تصنيفها حسب التاريخ : الأحد, 17 آب/أغسطس 2025

إدارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته التاسعة والخمسون: "بمناسبة مرور 50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، تحيي الفنانة المصرية مي فاروق سهرة تحتفي فيها بالست من خلال أغان رسخت بالذاكرة الجماعية في العالم العربي ومازالت تشد إليها الأسماع إلى اليوم.

مي فاروق المولعة بالغناء منذ الطفولة كانت جزء من كورال دار الأوبرا المصرية التي صدحت فيما بعد على ركحه بأغان خاصة واستعادات كلاسيكية طربية لعمالقة الفن العربي ومن بينهم أم كلثوم. تتميّز بصوت قويّ وثريّ الطبقات، قادر على التلوين المقامي، وعلى الانتقال السلس بين المقامات والدرجات، ما يجعل أداءها مزيجا من الإتقان الأكاديمي والإحساس المرهف."

خمسون سنة بالتمام والكمال مرت على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، خمسون سنة وأغانيها لازالت صامدة في وجه الزمن وفي وجه رياح التغيير، وفي وجه الاذواق الجديدة والانماط الموسيقية المستحدثة، وفي وجه الانتقال من العالم التناظري إلى العالم الرقمي، والانتقال من صناعة الأغاني الطويلة في زمانها حيث تترواح مدة الأغنية الواحدة ثلاثون دقيقة ويمكن أن تتجاوز الساعة إلى صناعة أغاني تسمي في عصرنا بالأغاني الخفيفة والسريعة والسندويتش، مدة الواحدة أقل من ثلاث دقائق، وهي أقل بكثير من مقدمة موسيقية للكلثوميات.

دون مبالغة ودون أدنى شك مازالت أغاني "الست" إلى يوم الناس هذا تطرب وتؤنس وتأسر الكثير من عشاق الطرب العربي والمقامات الموسيقية الشرقية والعربية، أغاني "الست" لازالت صامدة صمود الاهرامات ولازالت نسب الاستماع إليها مرتفعة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الكلاسيكية والحديثة والرقمية.

 إلى يوم الناس هذا أغاني "كوكب الشرق" لازالت تسمع بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الاذاعات والتلفزيونات والمهرجانات والافراح والمناسبات والاعياد والمقاهي ووسائل النقل المختلفة الفردية والجماعية، العمومية والخاصة.

ولا تقتصر هذه الظاهرة الفريدة والطريفة على البلاد العربية باعتبار وجود شبه اجماع حول تربعها على عرش الاغنية العربية، وفي هذا السياق أتذكر استاذا فاضلا درسني العربية في المعهد الثانوية في مسقط رأسي مدينة المنستير كان يقول لنا مبتسما: "اتفق العرب على أن لا يتفقوا، وأتفقوا على شيء واحد الا وهو أم كلثوم كوكب الشرق"، فأغاني أم كلثوم مطلوبة في كل أرجاء المعمورة وقد وجدت بعض اغانيها طريقها إلى العالمية وبعضها لازال أنيس المغتربين العرب في غربتهم وبعدهم عن الديار، ولا زال هناك تنافس بين الجيل الصاعد من الفنانين والفنانات على أداء أغاني من مدونة "الست" الموسيقية لاظهار براعتهم ومهارتهم في الغناء وفي الإطراب.

وتاكيدا لمكانة أم كلثوم الرفيعة في العالم اختارت صحيفة لوموند الفرنسية أغنية "الأطلال" من بين افضل مئة عمل فني وادبي شكلت ذاكرة القرن العشرين وكان ذلك في إطار استطلاع اجرته الصحيفة واسعة الانتشار لاختيار روائع القرن العشرين الفنية والادبية وجاءت الاطلال جنبا الى جنب مع السيمفونية التاسعة والرابعة والخامسة والسادسة للعبقري بيتهوفن.

كل هذه المعطيات ينضاف إليها الشعبية الكبيرة التي تحظى بها أم كلثوم في تونس حتى أن الاذاعة التونسية كانت تخصص ليلية في الاسبوع لتمرير اغانيها كما تم إطلاق اسمها على شارع رئيسي في تونس العاصمة، جعل ادارة مهرجان قرطاج الدولي تقرر الإحتفاء بكوكب الشرق بمناسبة مرور نصف قرن على رحيلها، وقد حظي هذا القرار بترحيب كبير من النقاد والصحفيبن والموسيقيين.

اختار القائمون على الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي لهذه المهمة الصعبة مطربة من أرض الكنانة إسمها مي فاروق بالرغم من أن اسمها قليل التداول في تونس مقابل تعدد من أبدع من مطربي تونس ومطرباته في أداء أغاني أم كلثوم، وأطلقت على الحفل "مي فاروق تغني أم كلثوم"، فهل ستنجح في الاختيار والاختبار؟ وكيف سيتقبل الجمهور التونسي والصحافة التونسية هذا الأمر؟ وكيف ستكون ردة فعله اثناء الحفل وعقب اسدال الستار عليه؟

هذه الأسئلة تبادرت إلى ذهني عندما علمت ببرمجة هذه السهرة يوم 16 أوت 2025 وذلك أثناء مواكبتي للندوة الصحفية للمهرجان، لكنني ومن باب الحرص على الموضوعية والهروب من التسرع والاحكام القبلية التي تفقد النقد الفني قيمته وهيبته لم ابد رأيي في الموضوع وأرجأت الإجابة عن الاسئلة التي تدور في خلدي إلى ما بعد الحفل أي بعد المعايشة والملاحظة والمتابعة الميدانية من موقع الحدث، المسرح الأثري بقرطاج.

في حقيقة الأمر إجابة الجمهور التونسي على الاسئلة التي خامرتني كانت أسرع مما كنت اتوقع فتذاكر الحفل انتهت قبل موعد الحفل بعدة أيام مؤكدين تواصل عشقهم للكلثوميات واقبالهم على السهرات التي تحتفي بكوكب الشرق ، لكن الحدس الصحفي قادني إلى التساؤل عن دوافع الاقبال الكبير والنفاذ السريع للتذاكر، هل من يحرصون على متابعة هذه السهرة يردون الاستماع إلى أغني "الست" والتسلطن معها مهما كان إسم من يؤديها؟ أم أنهم يعرفون مي فاروق وجاؤوا للاستمتاع بصوتها القوي والجميل والرقيق؟ أم أنهم جاؤوا للاستمتاع بسماع أغاني كوكب الشرق بصوت وإحساس مي فاروق التي سبق لها أن أحييت عدة حفلات خصصتها لغناء الكلثوميات ولاقت نجاحا جماهيريا وفنيا كبيراً؟

فور دخولي إلى المسرح الروماني بقرطاج انهبرت بكثافة الجماهير الحاضرة التي يفوق عددها في تقديري الثمانية آلاف متفرج ومتفرجة، معظهم حرص على عدم القدوم بمفرده واصطحاب من يحلو السهر برفقته.

وقد حرص جل المتفرجين على الوصول إلى المسرح قبل ساعتين أو ثلاثة من انطلاق العرض لتخير مكان مناسب وقريب أكثر ما يمكن من الركح لأن الأماكن في المسرح الدائري بقرطاج وكما هو معلوم غير مرقمة وللحاضرين بالتالي حرية الاختيار في حدود ما هو متاح من أماكن شاغرة لذلك كلما كان الوصول مبكراً في السهرات الكبرى كلما كانت امكانيات تخير المكان والزاوية أكبر والفرجة أمتع.

في تمام العاشرة ليلا وخمس دقائق بدأت سهرة "مي فاروق تغني أم كلثوم" بدخول الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو محمد الأسود إلى الركح وشروعها في عزف المقدمة الموسيقية لأغنية "الحب كلو" كلمات أحمد شفيق كامل وألحان العبقري بليغ حمدي، إثر ذلك أطلت المطربة مي فاروق بفستان أنيق أسود اللون، ومنذ الجملة الأولى استطاعت أن تشد سمع الحاضرين وتبهرن على اتقانها غناء الكلثوميات وتؤكد أن لديها امكانيات صوتية كبيرة تشنف السامعين.

وبمرور الوقت وتتالي الأغاني ازداد تفاعل الجماهير الحاضرة مع مي فاروق وتشجيعهم لها مما أكسبها مزيدا من الثقة في نفسها وتسبب في نزول دموع الفرح على مقلتيها مؤكدة في كلمة مقتضبة وجهتها للجماهير الحاضرة سعادتها الكبيرة بحفاوة الاستقلال الذي حضيت به فور وصولها إلى تونس والاقبال الكبير على السهرة والتفاعل الجميل مع أدائها للكلثوميات، مثنية على المجهودات الكبيرة للفرقة الموسيقية التونسية التي تصاحبها في هذه السهرة تحت قيادة صديقها المايسترو محمد الأسود.

وكما هو معلوم تركت سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي بعد رحيلها يوم 03 فيفري 1975 خزينة ضخمة وثرية ومتنوعة من الأغاني والموشحات والأدوار والمديح النبوي والغناء الديني والوطني، ويقدر عدد اغانيها المحفوظة بنحو 320 أغنية.

كل هذا يجعل عملية الانتقاء صعبة ومعقدة وقد ارتات الفنانة مي فاروق صحبة فرقتها التونسية أن تقدم في عرض تكريم ام كلثوم في قرطاج مقتطفات من العديد من الأغاني المشهورة وواسعة الانتشار على غرار "هذه ليلتي" كلمات جورج جرداق وألحان محمد عبد الوهاب و"على بلد المحبوب" و"جددت حبك ليه" كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي و"دارت الأيام" كلمات مأمون الشناوي وألحان محمد عبد الوهاب و"اسأل روحك" كلمات عبد الوهاب محمد وألحان محمد الموجي و"الأطلال" كلمات إبراهيم ناجي وألحان رياض السنباطي و"سيرة الحب" و"فات الميعاد" كلمات مرسي جميل عزيز وألحان بليغ حمدي.... وأكتفت بأداء أغنية وحيدة من رصيدها الفني هدية للجماهير التي طلبتها.

وبعد قرابة الساعتين والنصف من الغناء المتواصل دون انقطاع، في سهرة ستبقى خالدة في ذاكرة من واكبها بالحضور المباشر في المسرح الروماني بقرطاج أو بالمتابعة عبر البث التلفزي المباشر للحفل على القناة الوطنية التونسية الأولى وعلى ثلاث قنوات تلفزية مصرية وعبر البث الاذاعي المباشر على أثير الإذاعة الوطنية التونسية وإذاعة الأغاني المصرية، اختارت الفنانة مي فاروق أن تختتم السهرة بأغنية "ألف ليلة وليلة" كلمات مرسي جميل عزيز، وألحان بليغ حمدي وغنتها أم كلثوم عام 1969. ثم غادرت الركح وسط تصفيق طويل من الجماهير الحاضرة التي أجمعت على نجاح السهرة على كل المستويات وهناك من اعتبرها سهرة بألف سهرة وسهرة، تحمل توقيع صوت جميل يؤدي بكل اقناع واطراب أغاني ما يسمى بالزمن الجميل على ركح جميل... والأذن قبل القلب.. تعشق كل جميل.

 بقلم: رياض سكمة 

نشر في ثقافة

اليومية

« آب 2025 »
اثنين ثلاثاء الأربعاء خميس جمعة سبت الأحد
        1 2 3
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28 29 30 31
everymatrix altyapılı bahis sitelerikareasbetDeneme bonusu veren sitelersiyah bayrak at yarışı tahminlerikareasbet giriÅŸkareasbetbetingo giriÅŸyabancı dizi izleBetwild güncel giriÅŸgüvenilir casino sitelerigobahis giriÅŸyabancı dizi izlegobahis giriş1kareasbetcasino.comasper casinoesbet giriÅŸmeritkingzbahiscasibombycasinopiabellacasinosekabetmaltcasinoasyabahissahabetslot dünyasıtipobetmatadorbetxslotdumanbetmadridbetholiganbetzlotbahisabibahisabi