ولكن قصة الرقصة أبعد من ذلك... ولدت في الأحياء الفقيرة المحيطة ببيونس أيرس مع المهاجرين القادمين من أوروبا وتحديدا من إيطاليا وإسبانيا... كان "التانغو" وسيلة هؤلاء المهاجرين لتجاوز أجوائهم الخانقة نحو فضاء منعش: موسيقى ورقصة وصفت برقصة الأفكار الحزينة، ورقصة التأمل في المصير البائس... كان "التانغو" يترجم أحاسيس المهاجرين بعد تدفقهم على الأرجنتين ومواجهتهم لمصير مجهول، ثم تطورت الرقصة تدريجيا، حتى صارت اليوم معتمدة كعلاج لعدد من الأمراض في الأرجنتين مثل أمراض القلب والشرايين والاضطرابات النفسية وتحفيز الذاكرة عند المصابين بالزهايمر وغيرها من الأمراض التي أثبتت الدراسات في الأرجنتين قدرة "التانغو" على علاجها أو التخفيف من حدتها على الأقل... 

ليس غريبا أن يكون "التانغو" علاجا للكثير من الأمراض فقد كان في نشأته مسكنا _اجتماعيا_ لسكان الأحياء الفقيرة من المهاجرين، وليلة الاثنين 21 أكتوبر 2019 كانت استثنائية بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة. بثت رقصات التانغو المبهجة الكثير من الفرح والحب والجمال في جمهور كبير العدد من الأطفال والشباب والكهول، كان مذهلا في تفاعله مع أسمى التعبيرات الفنية: التانغو في عرض هو الأول لأساطير التانغو Tango Legendsالقادمين من بيونس آيرس في تونس

موسيقى حية مع ثلاثة عازفين، ورقصات مبهجة مع ستة راقصين من بينهم اثنين من أساطير التانغو: MARIELA MALDONADO

و PABLO SOS، عملية الإخراج دقيقة لم تهمل أية جزئية، سينوغرافيا مذهلة تستحضر الأجواء الدافئة والمنعشة. ولوحات مبهجة بحركات خفيفة تتحاور فيها الأجساد مع القلوب. كان العرض ساحرا أسعد الجمهور الذي صفق طويلا بعد ساعة ونصف من الموسيقى والتانغو. والتصفيق الحار جعل فريق العازفين والراقصين يعيد تقديم لوحة أخيرة قصيرة قبل أن يتحدث "بابلو سوس" إلى الجمهور عارضا عليه الالتحاق به على الركح ليتقاسم معه الرقص. فلبى عدد من الحاضرين الدعوة وكانت اللوحة عفوية بين الجمهور والراقصين. مشهد ساحر تعالت فيه الضحكات فتجدد في أصحابها حب الحياة

يذكر أن الموعد مع عرض "أساطير التانغو Tango Legends" سيتجدد يوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 انطلاقا من السابعة والنصف مساء بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة .