أما إيطاليا في ظل حكومتها الشعبوية الجديدة فإنها تتخذ موقفا متشددا إزاء ملف الهجرة، حيث تعتبر روما أن النص الذي تم إعداده لا يتناول مسألة حماية الحدود الأوروبية بشكل كاف ويركز على إعادة توزيع المهاجرين منذ لحظة وصولهم إلى أوروبا.
وكانت إيطاليا قد هددت في وقت سابق بعدم المشاركة في قمة اليوم ثم عادت وأكدت مشاركتها لــ"إسماع صوتها".وتتبنى الحكومة الإيطالية الجديدة، التي تولت حكم البلاد منذ ثلاثة أسابيع، سياسات مناهضة للهجرة تهدف إلى تقليص أعداد المهاجرين القادمين من أفريقيا إلى سواحل إيطاليا إلى أدنى مستوى ممكن.
في ضوء ذلك رفضت إيطاليا استقبال سفينة" لايفلاين" التي تحمل نحو 230 مهاجرا، والعالقة حاليا في المياه الدولية للبحر المتوسط، حيث أوضح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني أن هذه السفينة "غير قانونية" ويتعين على مالطا استقبالها. في حين رأى رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات أن "لايف لاين انتهكت القواعد بتجاهلها تعليمات إيطاليا" ونصح السفينة بالعودة إلى "وجهتها الأصلية لتفادي التصعيد".
وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين التي ترفض فيها الحكومة الإيطالية الجديدة دخول سفينة تحمل أشخاصًا تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط. حيث منع سالفيني في وقت سابق من الشهر الجاري سفينة "اكواريوس" التي كانت تقل 630 مهاجرا من الرسو في إيطاليا مما أثار خلافا أوروبيا وانتقادات لاذعة من فرنسا.
ولاقت هذه السياسات الإيطالية انتقادا أوروبيا حيث أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز في باريس أمس، عن تأييده لفرض عقوبات مالية على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ترفض استقبال مهاجرين، وهو ما أثار استياء الحكومة الإيطالية.
في ظل هذا المشهد الملبد بالغيوم وفي الوقت الذي تشهد فيه أوروبا أخطر موجات الهجرة منذ الحرب العالمية الثانية، يبدو أن الانقسام سيكون هو السمة السائدة على الساحة الأوروبية فيما يخص ملف الهجرة. فمن ناحية تتبنى مجموعة فيسغراد موقفا متشددا رافضا للمقترحات الألمانية الفرنسية، وما يعزز قوتهم المواقف المتغيرة لبعض الدول من بينها النمسا وهولندا والدنمارك وبولندا.
من ناحية أخرى تصاعد التيار الشعبوي داخل القارة الأوروبية، والذي ظهر في عدة دول كان آخرها إيطاليا، أصبح يصور الهجرة على أنها تمثل تهديدًا للتماسك الاجتماعي وللأمن وبالتالي أصبح خطاب هذا التيار يدعو إلى تحقيق عدالة اجتماعية بعيدًا عن المسؤوليات التي ترتبها أعباء اللاجئين على ميزانيات دولهم.في ضوء ما سبق، يرجح فريق واسع من المراقبين صعوبة الوصول إلى اتفاق سريع بشأن هذا الملف الجدلي الذي تتعارض فيه مصالح العديد من الدول متوقعين أن تشكل هذه القضية تهديدا خطيرا على وحدة وتماسك القارة الأوروبية.